عندما يصدر من أحدنا فعل شيئ.. نبادر الى وصف ذلك الفعل بأنه "غريب على عاداتنا
وتقاليدنا".. "لا يتفق وعاداتنا وتقاليدنا" .."مرفوض بحكم عاداتنا وتقاليدنا"..
سواءاً أكان ذلك في أحاديثنا ونقاشاتنا العامة.. أو في وسائل الاعلام. ولا أعرف
حقيقة ماهي عاداتنا وتقاليدنا تلك.. ولا أين ومتى يتم تطبيقها. اذ من المفروض أن
تكون العادات والتقاليد أفعال ومفاهيم متعارف عليها في المجتمع.. ومطبقة من قبل
عموم أفراده.. واقع معاش.. ممارسة يومية فعلية.. لا مثالية ننشدها.. أو وهم
نتخيله.. أو أمنية نحلم بها.
ونحن.. ان أردنا الشفافية ومواجهة النفس.. قد
استمرأنا الكذب والزيف والنفاق والتطاول والغيبة والاهمال والمغالطة واللامبالاة
وحتى الظلم.. وهذا غيض من فيض.. لدرجة أنها.. وبحكم التعريف.. أصبحت عادات
وتقاليد.. أمور معروفة.. بديهية.. مفروغ منها.. سواءاً أكان ذلك في حياتنا
الأسرية.. أو ممارساتنا اليومية.. أو علاقاتنا الاجتماعية.. وحتى العملية منها. غدت
هذه الخصال المقيتة للأسف جزء منا حتى أصبحنا نعرّف بها من الآخرين.. أصبحت جزء من
شخصيتنا.
ومادام هذا هو واقعنا الفعلي.. فما الذي نقصده عندما نردد عبارة
"عاداتنا وتقاليدنا؟".. ان كان المعنى جزء من تاريخنا.. فتاريخنا فيه ما فيه.. كما
أنه ماض وليس واقعاً معاش. وان كان مثالية ننشدها.. فلماذا لا نطبقها.. وان كان وهم
وسراب.. فمن نضلل وعلى من نتحايل غير سوانا..
اننا وبكل أسف دائماً ما نخلط بين
واقعنا الفعلي المعاش وبين ما يجب أن يكون عليه هذا الواقع.. هذا اذا تجرأنا
واعترفنا بحقيقة واقعنا وممارساتنا.. وتوفرت لدينا الشجاعة الكافية لمواجهة أنفسنا
ومصارحتها.. لا أن ندعي المثالية.. وبالتالي لن نغالط الا ذاتنا.. فسوء التشخيص لن
يؤدي الا الى تفاقم المرض..
عاداتنا وتقاليدنا هي ما نعيشه ونمارسه واقعاً
فعلياً.. وهذا الواقع فيه من السوء ما فيه. عاداتنا وتقاليدنا ليست أماني ولاأحلام
أو أوهام.. وهي بالتأكيد ليست واردة في بيان أو تقرير أو اتفاقية أو ميثاق شرف أو
لوائح أو حتى نص حكم.. الا ان كان حكماً قد صدر مع وقف
التنفيذ.
موضوع: عاداتنا وتقاليدنا هل هي واقع أم خيال 
الثلاثاء أبريل 08, 2008 5:33 am
